متى كان للحقيقة مذهبا أو دينا معينا

كل ما يخص الاديان واساطيرها
أضف رد جديد
صورة العضو الرمزية
faraj
عضو متميز فعال
عضو متميز فعال
مشاركات: 403
اشترك في: الأحد 16-7-2006 8:05 pm
الجنس: اختار واحد

متى كان للحقيقة مذهبا أو دينا معينا

مشاركة بواسطة faraj »

متى كان للحقيقة مذهبا أو دينا معينا
منقول من مقال المفكر الدكتور تواف الشبلي
سلام الدين أم استلام الدين

خلال تطور المجتمعات البشرية عبر الزمن الطويل، تعددت طرق العبادة كمحاولات لمعرفة الله عز و جل، عبر طرق عديدة، عادة يظنها سالكها بأن كل طريق منها هي الطريق الأوحد المنجي من المهالك الموصل لنور جمال الواحد.
أصبحنا نسمع في هذا الزمن بالذات عن ظواهر و مظاهر تعبر عن نفسها بصفة القاهر، متناسية باقي الصفات لأحدي الذات، فاقدة معنى الأحدية بنظرتها الكُلّية، راغبة بالراحة عبر أحد الأسماء، متربعة تحت شعار " إنا لربنا لراجعون "،
ناسية أن العودة لا تكون إلا داخلية قلبية بداخل النفس المطمئنة، و ليست بالضرورة ظاهرية حسية مؤطرة بحدود ضيقة، مقيدة بخواطر ضدية.
فما معنى سلام الدين ؟
سلام الدين هو روحانية حروف الكتب المقدسة و التي يحسها مستحقها بداخل نفسه القيومية، فتلتقي الأنوار مُصَعِّدَةً طاقة الحياة لتصل بالفرد لأعلى المستويات في مقامه السامي الشريف حيث استشفاف الروح الحق مِن و في كل شيء بمساعدة من قوة حروف - سدق - الآيات القدسية عبر أي مذهب أو دين، فيصل المريد لمعنى سلام النفس و الذي هو نفسه بهذا المقام، روح الدين أو سلام الدين و الذي هو بحد ذاته الغاية و المطلب، و ما كان الدين يوما إلا طريقا للوصول!

سلام الدين هو غاية السالك عبر الطرق المتعددة، و الذي هو بحد ذاته وسيلة الحق المطلق التي يعبر بها عن وجوده بداخل قلب مَن أخلصَ الإيمان و مَحَضَ اليقين للتناغم الواعي مع الروح الواحد في الجميع .
سلام الدين لا يختص بمذهب معين و لا دين محدد، بل هو مُلْكٌ لطائفة البشرية جمعاء، و هو من استحقاق الذين رفعوا شعار" سدق اللسان و حفظ الإخوان" تحت إرشاد نوراني من الحديث الشريف في " الدين المعاملة" .
سلام الدين هو النتيجة الطبيعية للذين بذلوا جهدا في العبادة الحق، كلٌ على حسب مرحلته التطورية و درجته الروحية، واعياً لقوة الآن، غير ناظر لماضي الزمان و لا لآت العيش قبل الأوان، فهو قانعٌ بمنزلته متناغمٌ مع درجته غير متضادٍ مع مَن قبله و لا مع مَن بعده ممن صعدوا سلم الصعود لقمة "جبل تجليه فيك "، غير خانعٍ بمجرد سكنى الوهاد و الكهوف حيث زحْف الدود في العالم المسطح و التي استلام دينها المادي لا يعطيها إلا بعضا من لَذّات التراب، و مخزون نفسها لا يتسع لحمل ذرة من روح الجمال فتبقى أسيرة لَََذَّاتِها الترابية فتموت ميتة أبدية، إلا مَن رحم ربي برسالة موحى بها من القلب في استشراف البشرى من " فذرة من ذرات جوده تجعل كلَّ مَن في الوجود مفتخراً بخِلْعةِ الغِنَى".
فسلام الدين هو مكافأة الإله لبني البشر عندما يثبتون و يتثبتون بميثاق السلام بصدق معاملاتهم و تبرّيهم من ضيق معتقداتهم و من تضخم أنواتهم وبالتالي التعهد الواعي على حب كل الخلق كصور عديدة للخالق الواحد، بحيث يخدمون الإنسان كخدمتهم للإله و ينظرون في الآخرين انعكاساً لنفوسهم الحقة، عندها يدخل السالك في الدين الأبدي الكوني الواحد بعد أن تكون سوية الطاقة الحيوية به قد ارتفعت لمستوى تؤهله من التناغم مع طاقة العقل الكلي، و بهذا يكون قد حقق معنى الوصول لروح الأديان و المذاهب بتوحيده لكافة طاقاته و جمع متفرقات أشتاته المتذبذبة بين لَذَّات التراب و سمو السماء، عبر مساحة نورانية داخلية يحسها هو، و يستمتع بجمال جنتها هو، و يقطف ثمار جهده و استقامته و محبته هو، فيصبح أهلا لتجلي الحق بنفسه النقية لينظر في مرآة الوجود فيرى الحق فيه و به و منه كالناظر إلى وجهه في المرآة، فيكون أهلا و فخراً لأسياده الحدود، ليصبح خير مثال للتعبير عنهم أثناء غيابهم الحسي، حيث يتصف بصفاتهم الروحية العالية و بقيمهم الإنسانية السامية بالاستقامة و المحبة و اللاعنف و السلام، و هذا هو معنى استلام الدين الحق، حيث يحقق حس السلام بداخله ووعي الحقيقة بقلبه والدخول في الدعوة الهادية المهدية كتعبير عن محبته، و مَن صعد لهذا المقام مرة سيصعد مرات و من استطاع السباحة مرة سيسبح مرات، و هنا بالذات يكون قد حقق التناغم مع تلك الومضة التي يختبرها قلبياً و تتعبّر نفسياً و تتألق شعورياً في " إي و ربي إنه لحق".
و إن أنكر عليه المستنكرون، فقد اختبر، و إن ضعف فيما بعد فقد عَبَر، و لن ينسَ تلك الإشراقة الرائعة التي تعتبر بمثابة تجديد العهد و الميثاق من قلبه و باستحقاقه ليغني أنشودة السلام، سلام الدين الحق، حيث لا سائس و لا مسوس، و هذا هو معنى تجديد العهد و الميثاق في مستهل كل حياة، و هذا هو حقيقة رؤية الواحد في الجميع، و عدم ترك أي مجال للشبهة أو الضدية في أي مكان و في أي زمان، بل تتغلف كل الطاقات بالنور لتصبح النفس مع طبائعها العقلية، و بها متحلية، و من خلالها متأدبة تقية نقية، فتكون أهلا للدخول إلى عتبة الدين الأبدي الكوني الواحد و الذي نستطيع التعبير عنه باختصار و بكلمة واحدة تحت اسم" التوحيد ".
و بالجانب الآخر!!
ماذا نرى اليوم في معنى استلام الدين من بعض النفوس المادية ؟
نرى محاولات من بعض النفوس العالقة في تضخيم الأنا و تحشيد الحشود البشرية لتكديس الطاقات تحت لواء فئة معينة أو مجموعة محددة، تتصف بمظاهر مرسومة للتعامل الحر فيما بينها مما يجعل طاقات أفرادها منفتحة على ما يسمى بإخوان الدين بمعناه المحدود، مؤدية لتشكيل معسكر له أسلحته و قواعده و أنظمته السلوكية الخاصة و بالتالي له قوة ووزن خاص في المجتمعات البشرية، و هذه ظاهرة طبيعية و لها ايجابيات في بداية الانطلاق نحو تحقيق الذات، و لكن الخطر الكبير يكمن في الفهم المنحرف لحقيقة التوحيد الواحدة، و التي تأخذ تعبيرا لدى أفراد تلك الجماعات بأنهم الأفضل و الأميز و الأحسن، و أنهم هم الذين استطاعوا قطع بطاقة دخول إلى الجنة دون غيرهم، و لا تقف ظنونهم عند هذا فحسب، بل من تضخم الأنا لديهم يعتقدون بأن القول الشريف في " أشرف الأمم و خير من وطئ الأرض بقدم" ينطبق عليهم هم أنفسهم، حيث يعتقدون جهلا بأنهم من الموحدين، و ما كان التوحيد يوما عبدا لتجديد الظاهر، و لا مُستعبَدَا لزخارف المظاهر، و لا كان و لن يكون محصورا في أفكار عقولنا الجزئية، بل لن نستطيع الوصول لمقامه الكريم إلا بانفتاح قلبنا على جنات النعيم بداخلنا، و ليس عبر حواسنا أو أفكارنا و لا عبر معتقداتنا أو ظنوننا، و ليس عبر خرافات جَهَلَتنا و لا عبر- مجروياتنا- و لا عبر خواطر أهل الضد و الهوى، ممن لبسوا جلود الحملان و خبؤا السكين للموحدين،
فمتى كان التوحيد مُقيِّما أو مُكفِّرا للآخرين؟
و متى نزل التوحيد لدائرة المضادّة مع الآخرين؟
و متى كانت الحقيقة مذهبا محددا أو دينا معينا، ليعتقد أفرادها المتلبسين بها، بأنهم أهل الجنة و الباقي إلى النار، مستشهدين ببعض الآيات القدسية، مفسرين إياها من خلال نفوسهم الحاقدة الضدية، بعيداً عن فهم حكمة الحق بالعقل القدسي الشامل، و هل يفهم النور إلا النور؟ و هل يفهم الحق غير الحق؟ و متى كان الله عبدا لفهم أفكارنا المحدودة؟ و كيف للحق أن يُعرف بغير الحق؟ وكيف للطيف أن يُدرك بغير اللطيف؟ ومن أين سيأتي لنا الحق بغير العقل الكلي ؟ و من قال أن الذي اعتقد بالعقل الكلي بمجرد الاعتقاد و الظن و الفكر، قد تواصل معه و استطاع تجربته؟
فهل الوصول لمدائن التوحيد هو نفسه القعود تحت علامات المرور المشيرة لتلك المدائن؟!
ليس الخطر بمجرد الاعتقاد ووجهة النظر، بل يتعدى الأمر ليصبح هناك مسوغات و مبررات بين أفراد تلك الجماعات، لمخالفات شرعية ومعاندة لقوانين وضعية، حيث يحل لهم ما لا يحل لغيرهم، و قد يحللون الحرام و يحرمون الحلال!!! و التعاون فيما بينهم قائم و ضد غيرهم جهاد!!
و هذا مذهبٌ ظاهريٌ من جديد، تكليفيٌ بعيدٌ عن التوحيد، مقو قعٌ الطاقة الإلهية تحت أجندة فئوية، مقسمٌ الرزق على فئةٍ دون غيرها من البشر.
فأين التوحيد الحق في هذا المقام؟
و أين الإله المحب الرحيم بكافة خلقه على كافة أشكالهم و ألوانهم و أجناسهم و صفاتهم و معتقداتهم؟
من نَصَّبَنا محاسبين لغيرنا لكي نُقَيّم و نحكم و نُكفّر؟
أليست أعمالنا و أفكارنا و مشاعرنا هي التي تخلق ردود أفعال، و نحن الذين نتحمل نتيجتها ؟
فما الذي يجعلنا نعتقد أننا الأفضل و غيرنا الأكفر؟
أليس الكفر المعشش بداخل أنفسنا، و الضدية المتربعة على عرش قلوبنا، بقوتها الظلامية و معاندتها للحقائق التوحيدية الشفافة البسيطة الروحانية، هو الذي يجعلنا نعتقد ما نعتقده ؟
متى كان التوحيد يمينا أو شمالا و متى كان فوقا أم تحتا ليتقوقع بمعتقد دون آخر؟
أليس التوحيد بكليته نظرته شمولية تقبل بالجميع و لا تأتي ضد أحد؟ أليس التوحيد تطور و توسع و نمو بالفهم و الإدراك من معتقد لمعتقد ينمو بنمو ملكات الفرد نفسه، و لا ينزل لدائرة صراع الأضداد فيفقد اسمه و يصبح مذهبا متطرفا في أحد الجهتين ؟
أليس الشرك أخفى من دبيب النملة السوداء على المسح الأسود في الليلة الظلماء؟
مَن الذي يستطيع التأكيد جازما بأنه على حق و غيره على باطل؟
لا شك أن المقام المتعدد هذا يجعل الفكر مشتتا بعيدا عن التوحد الحق عبر التوحيد بسلام الدين ظاهرا عبر سلام النفس.
عندما تختلط الأمور لا بد من العودة للنصوص و الكتب المقدسة!!
أين نجد هذه الأزياء و المظاهر، و أين نجد هذه الاعتقادات و الخواطر؟
إننا لا نجدها في أي كتاب و لا نجدها في أي فصل أو خطاب!!!
و لكن من أين جاءت؟ و لماذا هي قوية لدرجة أن أفرادها يصدقون بها أكثر من النص نفسه؟
ألا يمكن أن تكون قد أتت عبر التواتر من جد لحفيده عبر مئات السنين، حتى وصلت بقوة إلى أبناءِ مَن جدهم الأكبر "مصعب و سكين و لا حق و ابن البربرية" و لم يكن عنهم - نشتكين - يوما ببعيد!!!
ألم يرسم أولئك طرقا مخالفة للحقيقة الواحدة، و هم الذين حرفوا الحقائق الباهرة لتصبح ظاهرية من جديد، و هم الذين نصبوا مصائد تصطاد ضعاف النفوس و تعلق بشباكها فراشات لم تتخلص من عوالقها بعد!!
أليس استلام الدين بشكله الظاهري أسلوب ضدي كونه مبرمج على عقائد ظاهرية من جديد و من خلالها يسيطر الإنسان على أخيه الإنسان و يبرمجه على نظام عقائدي غايته ليس بالضرورة التطور عبر الدين، بل يمكن أن يكون وسيلة للتدهور بعد حين!!
كم حَذّر و أنذر أسياد النور من الدخول في حبائل الضد حيث قوته لطيفة شفافة قوية جدا تعبِّر عن نفسها بسلب طاقة الآخرين ببرمجتهم على خواطر مالها من سلطان غير سلطان الضد و الهوى،
فمتى نعي أن الحقيقة لا تحتاج سياسة اجتماعية أو دينية معينة، بل تحتاج صدق طوية و قلوب نقية.
لا ضيرَ في وجود المذاهب و الأديان و الجماعات عندما تكون لله و غايتها الوصول للوعي السامي المقدس الواحد في الجميع، و لكن إذا كانت هذه الجماعات و سيلة ل" ظاهره ديانة و باطنه خيانة".
فبشّر الأمم بالاندثار و الشعوب بالخيبة و العار في يوم تنوح فيه الأمم على عقائدها!!
فالأخلاق تذروها الرياح و أعظم الأخلاق المصداقية مع النفس قبل أن نصدق مع الآخرين، فكيف نكون صادقين أخلاقيين مؤمنين بالإله الواحد إذا كنا نبتسم بالظاهر و نحقد بالباطن.! أليست ازدواجية الخُلق هذه طبع من طباع حروف الكذب الذين عادة ما تنصبهم تلك الجماعات أسيادا لها و بزعمٍ أنهم حروف سدق و نور، وسيبقى الخطاب الفصل بين الفريقين في استخدام، إما طبائع الضد في المعاندة و المعصية والاستكبار والظلمة والحقد و الكراهية و الجهل والتعصب الأعمى، أو طبائع العقل في ليونة الهيولى و الطاعة و التواضع و المحبة و السلام مع الانفتاح على حرارة العقل، حيث القبول الواعي لكل المذاهب و العقائد و الأديان كوجوه مختلفة للحقيقة التوحيدية الواحدة و المتمثلة في الدين الأبدي الكوني الواحد، الذي لا ينحصر في زمان أو مكان و لا في مذهب محدد، و لا ينحسر ليتقوقع و يصبح حكرا على جماعة دون غيرها .!
لا أحد يستطيع نكران أهمية العقيدة و الجماعة أو المذهب و الدين في بداية الرحلة نحو الأبدية، و لا أحد يستطيع تعميم هذه الأفكار لتصل للجماعات الإنسانية المتوازنة و التي شعارها محبة الكل و خدمة الجميع، إضافة لخدمة الإنسان كأحد أنواع العبادة لله عز و جل، و هنا يكون البشر قد وصلوا لسوية التوحيد الحق في "اخدم أبداً و لا تؤذ أحداً".
فكيف نكون أخلاقيين وعلى مستوى الصورة الناسوتية إذا كان دأبنا التكفير و الغيبة و النميمة و كلام السوء على غيرنا من أصحاب العقائد الأخرى، و كيف للطاقة الحيوية الوصول بطاقة –الكونداليني- لمستوى شاكرا التاج حيث العقل الكلي إمام الزمان و المكان والذي لا يوجد به ذرة ظلمة واحدة، بل نور محض، لا ينظر لأحد إلا بنظرة إلهية كلية، فيها دوما المحبة و السلام ،
فمَن سيدنا و معلمنا، الضد أم العقل؟
إن كان لدينا التعصب و الكره و الظلمة و الجهل فنحن أبناء إبليس الذي نلعنه باللسان قولا و نخلص له الود عملا، وهذا الفعل دائم و عبر التاريخ لأن أولاد الحرام لا تنجب تلاميذ إلا بهذا الشكل، حتى أن التلميذ نجيب بالفعل ليطبق تعاليم إبليسه الأكبر و لا يخلص له الود باللسان بل يلعنه قولا و ينسجم معه فعلا، و هذا حال متناقض خطر و داء خطير يصيب الكثير من أفراد العديد من الجماعات الدينية و التي تنعكس بها الطاقة لتتجمع في مقام معين و تستخدم قوة تضخم الأنا في ذلك المقام لتبث بسمومها الحاقدة و أفكارها الكارهة و تلوث الأمم و تجعل العالم كله قاب قوسين بل أدنى من الانحدار و الدمار من مستوى الإنسانية لمستوى البهيمية من جديد، و بَشّر الصابرين.
هي رسالة تحذيرية لأولئك الذين اتخذوا شعار الدين و افتخروا بأنهم من أهل الدين، و ما كان الدين معترفا بهم يوما و لا هم اعترفوا به إلا بلسانهم فقط، وكم حاولوا التعبير عنه بمظاهرهم البعيدة عن معاني العقلية و القريبة من معاني الضدية .
عندما يصبح الزي رمزا للحقيقة، يتوجب علينا أن نكون أهلا له من خلال اتصافنا بطبائع العقل بالحلم و التواضع و المحبة و التضحية و الصبر، و بعدنا عن طبائع الضد بالعصبية والحقد و الكراهية و المعاندة و الجهل، فنكون قد أدينا رسالة و لو ظاهرية بأن أهل الدين مستقيمون محبون صادقون مسالمون و هذا هو زيهم رمزا لطهرهم،
أما أن نخبئ الذئب بداخل أنفسنا، و نلبس رمزا ما باسم عقيدة معينة لغاية أنانية، فإننا نسيء للجميع و لا يبقى هنا مجالا إلا الجهاد في سبيل الحق ضد هذا الظلم .
إن رجل الدين الذي أحب استلام الدين عليه أن يتأدب قبلا بأدب الدين و التي هي طبائع العقل، و يتحلى بسلام الدين قبل استلام الدين لأنه سيعلن شعار السلام على الملأ.
أما أن يتلصص ليسرق الطاقة الحيوية من الآخرين عن معرفة أو جهل و من وراء حجاب أو زي يزيد قوة ضديته و يشحن الأثير بفحيح كراهيته، فهذا و الله اختلاس ونفاق و كذب و عار وقتل للروح قبل أن يكون للجسم .
على السادة الأفاضل من كبار و علماء أي مذهب أو جماعة أو دين أن يحذروا من تسليم شعار مذهبهم و زي جماعتهم لمن لم يثبت على صفات الإيمان الحق و القيم الإنسانية و العادات النبيلة لتصبح متأصلة به و طبع من طباعه، فيكون بذلك سببا للنمو الايجابي لتلك المجموعة، حيث يصبح سببا لهداية الآخرين للروح الأزلي البسيط اللطيف الشفافـ، فتكون الجماعة قد أدت رسالة إلهية، ورقت و نقت وراقت حتى أصبحت في عالم اقترب أفراده من الدخول لعالم واحاته و الاستظلال بأنوار ساداته.
إن مجموعة الفاكهة قد تتأذى إذا ما فسدت واحدة بينها، و بنفس المثل سيصيب التلوث رجالات أي مذهب إذا ما دأب بعض أفراده على التمثل من قيم الضد بالمعاندة و العصبية و الحقد و الكراهية و الحسد، لينصبوا و يحتالوا و يكذبوا باسم المذهب و الجماعة و الدين، ليس هذا فقط بل باسم الصوفية و الزهد و التقشف فإننا نرى بعض الأفراد من الجماعات الدينية لا يهتمون حتى بالنظافة الشخصية الظاهرية لتصبح لهم رائحة مميزة تُعَبِّر عن تلبسات شيطانية، و هذا ما لا يجوز السكوت عنه أبدا.
بغض النظر عن كل زي أو رمز ديني يجب أن نتأكد قبلا بأننا ضمن دائرة طبائع العقل و لسنا بدائرة ضده.
إن ما يسمى باستلام الدين أو التدين على أي مذهب كان، من خلال الواقع المعروف لكل مكان وزمان و منطقة أو إنسان، غالبا ما يكون بعيد جدا عن الحقيقة و عن معنى السلام و عن معنى التوحيد الحق و عن معنى خير طريقة.
عندما يرفع الجميع شعار – الله – الله – و تكون الأعمال منافية لشرع و قانون الله، تكون عادة نفاق و كذب و بهتان على الحق و الحقيقة، وهذا يعني توجب ثورة حق، تخلع عن الجميع أقنعتهم ليحق الحق من جديد.
لا يجوز لمن أفشلته مظاهر الحياة أن يلجا للأسلوب الظاهري المعروف لدى المذاهب باستلام الدين، و لا يجوز للسيدات المتخمات بالحقد و النميمة و الكراهية و الشهوة و الحسد أن يتحجبن على سلبياتهن ليتلصصن من خلف حجابهن، فيحدث ما يسمى بسلب الطاقة الحيوية من الآخرين بشكل نزيف طاقي كبير، لأن قدرتهن على ذلك من خلف حجاب ستتضاعف مرات بحيث تصبح أذية عيونهن كبيرة قادرة على تفتيت الحجر، و معلوم أن الطاقة الحيوية تزداد خصوصا عند الأنثى من خلال الحجاب و هذا شيء ايجابي، و لكن السلبية ستكون كبيرة على الآخرين إذا ما كانت صاحبة الحجاب غير نقية القلب، و ليست متطبعة بطبائع العقل، وغير متحلية بالأخلاق المثالية العالية.
لا مانع من الذِكْر بشكل جماعي، فعلى العكس، إن التجمع في دور العبادة له عظيم الفائدة في عملية البث الايجابي لتنقية الأجواء المحيطة، و هذا يحدث إذا ما كان الحشد المتجمع في دور العبادة متصفاً بالصفات الإنسانية النبيلة بالرأفة و الرحمة بكل المخلوقات، و كذلك إذا كانت غاية التجمع شحذ الهمم و شحن الأجواء بالطاقة الايجابية ليستفيد كل الخلق من البث الايجابي، و بالتالي تنعكس طاقة السلام على الجميع و خصوصا لمن كانوا سببا في التجمع للاجتماع على الذكر باتجاه الإلهية، رحمة بالبشرية، و ليس الاجتماع على الذكر حشدا للطاقات الإلهية في سبيل الدمار و الأذية و للسيطرة على باقي البشرية و باقي التجمعات الدينية، فالنية الصادقة مطية المؤمن، و هنا الأهمية القصوى للتعبد من أجل سلام الإنسانية و الخير للجميع، و هذه و الله غاية العابد و التعبد في أن ينسجم مع المنطق الإلهي و النظرة الشمولية في بث المحبة و السلام إلى الجميع من بشر و باقي المخلوقات، و بذلك يتطور الإنسان من خلال المجموعة التعبدية و يصبح أهلا باتساعه ليعرف الله حقا و يوحده يقينا ، فالدين الأبدي الكوني الواحد، و الذي نستطيع اختصاره بكلمة التوحيد، يقبل بالجميع و لا يرفض أحدا، علما بأن الموحد الذي نزل لمستوى المضادة أو التضاد مع أحد فإنه سيفقد توحيده من ساعته و دليل ذلك فقده السلام، و بالحقيقة فإن حس السلام بداخل النفس هو المكافأة الإلهية للنفس البشرية في العوالم الأرضية، و مَن فقدها فقد أضاع الجنة العلية نفسها .
لقد صدقت حكمة الحق في قولها بأن قائم الحق عندما يظهر أول ما يقتل القائلين به بظواهر ألسنتهم !!!
و هنا وجب التحذير و التنبيه مع الإعذار و الإنذار بأن التوحيد ليس مجرد اعتقادات أو خواطر و أقوال أو مقالات، و ليس مذهبا و لا دينا بحد ذاته، بل هو روح كل المذاهب والأديان، و دليله العملي تطابق بين الفكر و القول والعمل، و حديثه الدائم في تطبيق - الدين المعاملة - و طائفته البشرية جمعاء، و إخوانه كل الناس على اختلاف مشاربهم، و إلا فإن من قال بقائم الحق و حارب الآخرين باسمه فإنه قام بخيانته فهو إمام الزمان العقل الكلي النور المحض و الذي لا يحتوي بجوهره الشريف أية ذرة من ضدية و لا يوجد بداخله إلا الإلهية، و هو معلمنا و نوره ملهمنا و سلوكه رسالة حياتنا، و بذلك فإننا أي أبناؤه ما علينا سوى التحلي بأوصافه النورانية و طباعه العقلية، و إلا فإننا من القائلين فيه قولا باللسان، و بذلك فإننا نحكم ونتهم ونكفر باسمه، فحل علينا العقاب .
فأين سلام الدين و ما معنى استلام الدين؟
إن من امتلك السلام يعتبر مظهر من مظاهر الإلهية لطائفة الإنسانية، و سلامه يجيز له تسليم الدين، وكل فرد يحسه و كأنه على مذهبه بسبب طيفه النوراني بإشعاعه المحبة والسلام، وبذلك يستطيع قدح زناد نفس المريد ليلهمه السلام فيشتعل قلبه من شمعة التوحيد، عندها فقط نستطيع القول بان الذي جَرَّب معنى السلام قد استلم الدين، و من صعد مرة سيصعد مرات، و من رأى ذلك المنظر المهيب من على قمة الجبل سيصعد لينظره مرات و هنا أصبحت الشعلة و السباحة ذاتية بلا برمجة ضدية و لا خواطر هوائية، بل فإنه قد رأى بمرآة قلبه خيال ليلى الوجود و تجلت لعقله صورة المعبود و توازنت بنفسه الشريفة طاقة الحدود فأصبح أهلا ليقول: بأنه مستلم الدين و أصبح رمزا للآخرين يتمثلون به، عَلّه يقدح زناد طاقتهم الكامنة فيبعث بهم الشرر من قصور رضوان المعبود و يغني مع الواصلين أغنية الوجود في "زيتونة لا شرقية و لا غربية يكاد زيتها يضيء و لو لم تمسسه نار، نور على نور، يهدي الله لنوره من يشاء".
أما أن نستبدل السلام بعادة الاستسلام، فهذا رجوع بعد السبق إلى القهقرى، و هذا تعبير صريح عن عدم مقدرة الفرد على التحليق في الأجواء العلية لجنة السلام، فيضطر للمعاوضة في السير دَبَا أو دبيبا على بطنه، مُجددا الظاهر في قلبه، ليعبد الإله من خلال خواطر و ظنون علها تقيه ألم البعد و الفراق، لكن هيهات لمن رأى النور أن يكتفي بظل ذلك النور.
و في الختام سيكون الخيار أبدا لنا:
هل نريد سلام الدين مع استلام الدين فنتناغم به مع رب العالمين؟
أم استلام الدين فقد نصبح في دائرة عبادة المخلوقين؟
 تنبيه مهم : عليك ان تقرأ الشروط عند تقديم اي طلب جديد والا سيتم حذف موضوعك •• اقرأ الشروط ••

تبارك النور القدوس الذي انبثقت به الحياة
السور الاعظم
عضو متميز فعال
عضو متميز فعال
مشاركات: 5140
اشترك في: الأحد 16-7-2006 8:05 pm
البرج: الجوزاء
الجنس: انثى

متى كان للحقيقة مذهبا أو دينا معينا

مشاركة بواسطة السور الاعظم »

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


شكرا جزيلا للموضوع اخي الشيبامي--لو كانت التقوى والشفافية واخلاص النية موجودة لدى الناس لما اصبح حال البشر على ماهو عليه الان والذي يشبه القلادة التي تحوي اسم الله لكن مرتديها يتخذها حلية وهو لايفقه من هو الله و لا كيف يعبد الله ولاحتى الاخلاق السامية التي يدعو لها الاله
ومنهم من يتخذ الدين وسيلة للوصول لمكاسب دنيوية او ظاهره التدين وباطنه الحقد والغل


يقول رسولنا الكريم صلى الله عليه واله ((( على العاقل أن يكون بصيراً بزمانه ، مقبلاً على شأنه ،
حافظاً للسانه ، فإنّ من حسب كلامه من عمله ، قلّ كلامه إلاّ فيما يعنيه .)))


يقول الامام علي عليه السلام لكميل بن زياد
النخعي:
يا كميل، إن هذه القلوب أوعية فخيرها أوعاها للخير،
والناس ثلاثة: فعالم رباني، ومتعلم على سبيل نجاة،
وهمج رعاع أتباع كل ناعق لم يستضيئوا بنور العلم ولم
يلجئوا إلى ركن وثيق، ثم قال: إن ههنا لعلما - وأشار
بيده إلى صدره - لو أصبت له حملة لقد أصبت لقنا غير
مأمون يستعمل الدين للدنيا، ويستظهر بحجج الله على
كتابه وبنعمه على معاصيه، أف لحامل حق لا بصيرة له،
ينقدح الشك في قلبه بأول عارض من شبهة، لا يدري أين
الحق، إن قال أخطأ وإن أخطأ لم يدر، مشغوف بما لا
يدري حقيقته، فهو فتنة لمن فتن به، وإن من الخير كله
من عرفه الله دينه وكفى بالمرء جهلا أن لا يعرف
دينه.





شكرا جزيلا وعذرا للاطالة

أضف رد جديد

العودة إلى ”الفرق والمذاهب والاديان“