سمات الفلسفة البشرية

كل ما يخص علم الحكمة والفلسفة ومدارسها
أضف رد جديد
صورة العضو الرمزية
الريم
عضو متميز فعال
عضو متميز فعال
مشاركات: 375
اشترك في: الأحد 16-7-2006 8:05 pm
الجنس: اختار واحد

سمات الفلسفة البشرية

مشاركة بواسطة الريم »

بسبب خطأ الانسان في فهم الخلق وفي معرفة كيفية الخلق ؛ وبسبب دخول بعض النظريات الفلسفية القديمة في الثقافة البشرية، فان الكثير من الناس ذهبوا مذاهب باطلة بعيدة عن الحقيقة. ولكي نتبين صبغة هذه المذاهب، لابد لنا ان نبين سمات الفلسفة البشرية:

*الجمود في فهم الحياة:

تعتقد الفلسفة البشرية أن الحياة جامدة وليست متحركة. وذلك لأن الفلسفة حين لم تكن تؤمن بقدرة الله سبحانه وتعالى اللامتناهية، فانها تعتقد بأن قلم التقدير قد جف ولايستطيع ان يغيّر شيئاً. وهذه النظرة الواهية مخالفة لوجدان الانسان ؛ ولما يصلح الانسان ؛ بل هي نظرة رجعية متخلفة، لان الانسان إذا اعتقد بأن ترتيب الطبيعــة وتقديرها قد انتهـى، فذلك يعني عدم استطاعته التأثير فيها بأي شيء والاستسلام لمقاديرها. وهذا يعني القدرية، وبتعبير آخر يعني ان علـى الانسـان ان يخضع ويستسلم للحوادث التي تترى عليه شاء ام أبى، وليس له ان يغير شيئاً فيما يجري عليه.

سمة الجمود هذه هي تفكر يهودي محض ؛ فاليهود يقولون إن الله قد فرغ من الأمر، « وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ» وقد لعن رسول الله صلى الله عليه وآله يهود هذه الامة، وحين سئل الرسول صلى الله عليه وآله عن يهود هذه الامة قال : القدرية، اي القائلون بأن كل ما جرى ويجري قد قدره الله ولا تغيير فيه. وقد حاول بعض الفلاسفة التحرر من هذه القدرية ولكنهم لم يستطيعوا، وذلك لان القدرية تشكل عمق الفلسفة وجذرها الرئيسي؛ بل إن جوهر الفلسفة جوهر قدري، لانها تدّعي ان الله سبحانه وتعالى على قدرته وعظمته وجلاله وكبريائه اللامتناهي - سبحانه عما يصفون - عاجز عن تغيير الكون، فكيف بالعبد إذن ؟

وعلى سبيل المقابلة لا المقارنة، ولكي نبين عمق مأساة البشرية حينما تترك تعاليم الله سبحانه وتعالى، وتتجه نحو الافكار المهترئة ؛ لابد لنا ان نشير الى بعض المعالم التقدمية التي جاء بها الاسلام العظيم في مقابل الافكار المتخلفة التي جاءت بها الفلسفة البشرية.
لقد أكد الاسلام على ان الانسان حرّ في تصرّفه، وإن كل مايجري على الانسان من خير او شر فانما هو بما كسبت يداه؛ بمعنى ان الانسان حيث تكسب يداه خيرا فان حياته سوف تكون خيرا، وإن كسبت شرا فشر، وان الناس سيجزون باعمالهم إن خيرا فخير وان شرا فشر. اذ إن لكل نفس ما كسبت وعليها ما اكتسبت، وربنا سبحانه وتعالى يقول : « إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِاَنفُسِهِمْ »

فالاسلام يعطي الانسان كامل الحرية، بينما نجد الفلسفة الاغريقية تسلب عن الانسان الحرية. والاسلام يقول بأن الشرور والسلبيات والسيئات التي تترى على الانسان بامكانه التحرر والتخلص منها بالتوجه إلى ربه سبحانه وتعالى وبالدعاء إليه جل شأنه، في حين تعمل الافكار الاغريقية الجامدة على تثبيط عزيمة الانسان وسلب همته، فتنتفي قدرة الانسان والملائكة وحتى الله جل وعلا على تغيير الامور لأنه قد فرغ من الأمر.
من هنا نجد ان هذه الافكار التثبيطية الاستسلامية كانت ولا تزال موضع قبول وتشجيع الحكومات الطاغوتية، التي تجد فيها تبريراً لتسلطها وطغيانها. فالفلسفة الاغريقية ؛ وأفلاطون وأرسطو بالذات حينما يقولون بأن الله خلق بعض الناس كي يكونوا سادة، وخلق البعض الآخر ليكونوا عبيدا، فلا ريب ان هذا الاعتقاد سيجد القبول من لدن ذوي النزعات التسلطية. لكن الذي ينبغي ان يحاكي فطرة الانسان ويخاطب وجدانه بعد ان يستقرئ ماتطرحه هذه الفلسفة التي تنتج مثل هذه الافكار، ويضع المقاييس لمعرفة مدى تقدميّتها وكم هو نصيبها من الصحة والسلامة ؛ الذي ينبغي ان يحاكي وجدانه هو الوقوف على ان هذه الفلسفة خاطئة في جوهرها، عليلة من جذورها وإن عزّزت واسندت بملايين الادلة والحجج والبراهين؛ حيث إن وجدان الانسان وفطرته أقوى دليلا واوضح منهجاً.

*انسان بلا مسؤولية:
فهي تعتبر الانسان غير مسؤول عن افعاله وأعماله، وذلك لان الله هو الذي قدّر الامور فهو سبحانه المسؤول عن تصرفات الانسان . والله جل جلاله يقول في كتابه المجيد «اِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الاِنسَانُ » وذلك يعني ان الانسان حمل امانة عظيمة؛ أمانة المسؤولية؛ امانة الحرية؛ امانة الاختيار، لكن الفلسفة تدّعي العكس فترفع عن كاهل الانسان المسؤولية، مادام إن الله قدر الامور وأكملها.
والنتيجة التي يؤدي إليها هذا الاعتقاد. فنحن لا نرى فيه غير انحلال المجتمع الانساني وتفكك روابطه من جهة، ومن جهة أخرى اضمحلال وانهيار روابط الانسان بخالقه باعتبار عدم مسؤوليته عن أعماله وتصرفاته اتجاه ربه واتجاه الآخرين من بني الانسان.

*العالم.. وتيرة ثابتة :
والسمة الثالثة للفلسفة البشرية هي الاعتقاد الخاطئ بأن ما يجري في هذا العالم انما هو على نسق واحد ثابت لا تغيير فيه. فهي تلجأ الى انكار المعاجز، وتحاول تبريرها بتبريرات مادية محضة، باعتبار ان هناك قوانين طبيعية هي التي تسيّر هذا الكون، وان الله جلّت وعظمت قدرته لا يستطيع ان يخرق هذه القوانين ؛ فكيف يبعث الانبياء ؟ وكيف يقول للنار كوني برداً وسلاماً على ابراهيم ؟ وكيف يحوِّل عصى موسى الى ثعبان عظيم ؟ وكيف يشق البحر لبني اسرائيل ؟ وكيف يحيي الموتى على يد عيسى بن مريم ؟ وكيف ينشق القمر على يد نبينا محمد صلى الله عليه وآله ؟ وكيف وكيف.. الى مالا نهاية له من التساؤلات التي تكشف عن انكار فلسفة الوحي وعدم الايمان به، لانها تعتقد ان الوحي خرق للقوانين المادية الطبيعية التي تعتمدها الفلسفة. فهي بالتالي تلجأ الى حصر إمكانيات الفرد ضمن تلك الاطر المادية، وعليه فالانسان وفق التصورات المادية يمكنه مثلا ان يصبح نبيا بتنمية عقله كأن يدرس فيصير عملاقا وداهية ,,,,,
وهذا بحد ذاته هو الجمود الذي يقود الفلسفة إلى انكار المعاد إذ لا رجعة في اعتقاد الفلسفة ولا تغيير، وبالتالي لاجنة ولا نار.
ويذهب اكثر الفلاسفة الى انكار المعاد بتأويلات بعيدة، فهم يزعمون ان المعاد هو ان تلتحق روح الانسان بعد موته بالله فتلك هي الجنة او تلتحق بالشيطان فتلك هي النار، اما ان تعاد الاجسام من جديد فذاك في اعتقادهم من المستحيلات، فهم بذلك ينكرون ان الذي يحييها هو الذي أنشأها اول مرة، وهم يتساءلون : « وَقَالُوا أَءِذَا كُنَّا عِظَاماً وَرُفَاتاً أَءِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً »
هذا هو القرآن الكريم يضع الاجابة لكل التساؤلات، ويتصدى لكل الانحرافات الفكرية. فالاسلام منذ البدء يقول إن الله على كل شيء قدير، ونحن إذ نعتقد بالقدرة الالهية الابدية ؛ القدرة المطلقة المتكاملة ؛ القدرة اللامتناهية اللامحدودة ؛ نكون قد وضعنا لكل سؤال جواباً. فحين تتجلى عظمة القرآن الكريم تتضح تفاهة الافكار الفلسفية الانحرافية ؛ إذ الامور انما تعرف بأضدادها، والقرآن المجيد حين ينسب كل شيء الى الله سبحانه وتعالى وبأنه قادر على كل شيء قدير، يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل، يحيي الموتى، يحيي العظام وهي رميم، يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي، يرزق من يشاء بغير حساب.. إنما يبطل ادعاءات من ينكر المعاجز الالهية وينسب كل ذلك الى القوانين الطبيعية، ويدحض التصورات المادية الواهية المحضة التي تخرج كل ذلك عن إرادة الله جلت قدرته.


*منزلة الانسان :
السمة الرابعة للفلسفة البشرية ؛ فهي إنها تحوّل الانسان الى مجرد حيوان ناطق مجرداً عن القدرة ؛ موجود يكتنفه الجمود ليس له أية إرادة او اختيار، بل ليس له من صفات الانسانية إلاّ النطق الذي يتميز به عن الحيوان. في حين نجد الاسلام يرفع الانسان ويكرّمه حيث قال الله عز وجل «وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي ءَادَمْ» ومن هنا يتضح لنا مدى تأثير الاسلام في تربية الانسان، وتنمية مواهبه، وتفجير طاقاته. فهو حينما يحترم حرية الانسان ويطلق له الارادة والاختيار، يخرجه عن الجمود، ويجعله قادراً على تغيير حياته، بل ويعطيه ملكوت السماوات والارض، شريطة أن يكون الانسان مؤمناً بالله، صادقاً في إيمانه.

........دمتم بحب
 تنبيه مهم : عليك ان تقرأ الشروط عند تقديم اي طلب جديد والا سيتم حذف موضوعك •• اقرأ الشروط ••

تبارك النور القدوس الذي انبثقت به الحياة
صورة العضو الرمزية
الملاك الابيض
عضو متميز فعال
عضو متميز فعال
مشاركات: 1265
اشترك في: الأحد 16-7-2006 8:05 pm
الجنس: اختار واحد

مشاركة بواسطة الملاك الابيض »


لمنطقك عذوبه وتسلس افكارك جمال وترتيب مفرادتها رونقه

صدقتي فيماكتبها خلدك جمود الفكر الانساني الى يومنا هذا رغم اعترافهم بان تسيير الكون العظيم

ليس بايديهم واكيد لاتسير الة نفسها وبالتالي فالله هو المسير لهذا الخلقه العظيمه ...وتجلت عظمته في خلق الانسان الذي اودع فيه خصائص ملكيه وخصائص ملكوتيه فيه علم الظاهر وعلم الباطن

وغير ذلك من الامور ... لك كل الود والمحبه حيبتي الغاليه فلسفتك فلسفه سهله

ممتعه لقارئها ولايمل منها المتامل فيها

رائعتك انارت لي دربا لك مني جزيل الشكر ...ونور الله لك سعيك ودربك

تبارك النور القدوس الذي انبثقت به الحياة
الوجيه بن محمد
عضو متميز فعال
عضو متميز فعال
مشاركات: 363
اشترك في: الأحد 16-7-2006 8:05 pm
البرج: السنبلة
الجنس: ذكر

مشاركة بواسطة الوجيه بن محمد »

الغاليه الريم


مقالك يكفيه اسمك فقط لندخله فكيف حين يجتمع رائعان في مكان واحد الريم ومقال الريم

تقبلي مروري على زراق سمائك وعذوبة مقالك

صورة العضو الرمزية
الريم
عضو متميز فعال
عضو متميز فعال
مشاركات: 375
اشترك في: الأحد 16-7-2006 8:05 pm
الجنس: اختار واحد

مشاركة بواسطة الريم »

اختي الغالية ملاك.....
لوجودكِ رونق وجمال تزدان به صفحتي التي لاتنبض إلا بوجود من هم في مثل صفاء قلبكِ وروعتكِ

.....دامت روحكِ نقية

اخي الغالي الوجيه.....
لطالما كانت كلماتك زاخرة ومشبعة بكل معاني الطيبة والمودة ولم أجد منك يوماً إلا كل مايسرني ويبهج خاطري ويثلج صدري فكل الشكر على روعة تسكبها اينما حللت

......دامت روحكَ سامية

تبارك النور القدوس الذي انبثقت به الحياة
صورة العضو الرمزية
أطلس ألعالم.
عضو متميز فعال
عضو متميز فعال
مشاركات: 280
اشترك في: الأحد 16-7-2006 8:05 pm
الجنس: اختار واحد

مشاركة بواسطة أطلس ألعالم. »

اختنا الريم احيك بكل التحايا على ما يجود به قلمك النفاث وليس تملقا ولا استحياء .

دمت لنا على الدوام وأعطاك الله وأجزل عليك عطاياه انه وهاب كريم .


أرجو أن تتقبلي مروري بصفحتك مع الشكر الجزيل لما تقدميه .


اخوك في الله .

جوزيت خيرا .

تبارك النور القدوس الذي انبثقت به الحياة
صورة العضو الرمزية
أطالب
عضو متميز
عضو متميز
مشاركات: 81
اشترك في: الخميس 13-1-2011 1:42 am
الجنس: اختار واحد

مشاركة بواسطة أطالب »

اختي العزيزة الغالية سامحيني لعجز يداي وحروفي عن الوصف فما اجمل تعدد مواضيعك واطلاعك المتعدد وما اروع اسلوبك الحواري وقلمك الذي يتوجة الي موضوعة فيصيب مكانة فانت فعلا ريم جميل يتجول في غابات العلم شكرا لك وارجو قراءة المزيد من مواضيعك.................

تبارك النور القدوس الذي انبثقت به الحياة
صورة العضو الرمزية
خفايا الروح
عضو متميز فعال
عضو متميز فعال
مشاركات: 1304
اشترك في: الأحد 16-7-2006 8:05 pm
البرج: الميزان
الجنس: اختار واحد

مشاركة بواسطة خفايا الروح »

ليس عندي ما اعلق به على مواضيعك القيمه
ولكن اسأل الله ان لا يحرمنا منك ومن طرحك القيم
وكما تفضل الاخوه الاعزاء .. يكفي ان يكون صاحب الموضوع هو (الريم)
دمت ِ في حفظ الله اختي العزيزه الريم ;-)

صورة العضو الرمزية
الريم
عضو متميز فعال
عضو متميز فعال
مشاركات: 375
اشترك في: الأحد 16-7-2006 8:05 pm
الجنس: اختار واحد

مشاركة بواسطة الريم »

اخي اطلس
حللت أهلاً ووطئت سهلاً شرفت الموضوع ونورته بنورك الوضاء فأهلاً ومرحباً بوجودكِ
ولاحرمني الله من وهج قلمك وجودك

دمتَ معطاءً


اخي شهاب الحامد
أسعدني مرورك واشراقة قلمك وتواجدك في صفحتي واخجلني اطراؤك لي فانا اصغر بكثير مماوصفت وماأنا سوى نقطة من بحر علمكم وفيض عطاياكم

دمتَ متألقاً


اخي A01
منذ دخولك لهذه الشبكة المباركة وانا أجدك أينما أحط رحالي ولم تضن عليّ يوماً بجميل عباراتك وعذب تواجدك فشكراً لكِ دوماً وابداً

دمتَ معطاءً


لكم مني جميعاً شكر لايموت على مروركم العطر الخلاب

تبارك النور القدوس الذي انبثقت به الحياة
أضف رد جديد

العودة إلى ”الحكمة والفلسفة“