ما حاجتي للمساومة؟

كل ما ليس له قسم خاص

المشرف: المشرفون

أضف رد جديد
صورة العضو الرمزية
faraj
عضو متميز فعال
عضو متميز فعال
مشاركات: 403
اشترك في: الأحد 16-7-2006 8:05 pm
الجنس: اختار واحد

ما حاجتي للمساومة؟

مشاركة بواسطة faraj »

ما حاجتي للمساومة؟

ما حاجتي للمساومة؟ كلّما داعبتني نسائم الحق باعثةً طهارتها من لبّ القلب وجدَتني أقابلها بالمقاومة؟
أخفيها بسرعة كي لا يسمع أحد موسيقاها ... فأساوِم وأجامِل وأرضي هذا وذاك على حسابها
ما حاجتي للمساومة؟
إن حاجة إنسان لم يذُق من كأس الأبدية، للمساومة هي حاجة غيرعادية
حاجة لا يملك لها دفعاً فالحقيقة السرمدية الأبدية مجرّد كلمة في قاموسه لم يختبرها، مجرد حورية لم يعانقها وشربة ماء لم يشربها
حاجته للمساومة جبارة لأن حقيقته مستعارة
لا يعرف ما إذا كان على حق أو أنه يسلك الدرب الخطأ ... يحيا الحيرة ويحتار في اتخاذ أي قرار والمساومة تكون ملجأه في آخر النهار
من ذاق من كأس الأبدية والتقى وجهاً لوجه بحقيقته الروحية لهو أشبه بأمّ تضع مولودها
لا يمكن لأم تضع مولودها أن تساوم وتحتار هل تضعه أو لا فتتردد وتنقسم في أفعالها وردودها
واليوم وبالأمس بدأت بالتعرّف على عقول كثيرة لا تعرف سوى المساومة
اليوم وبالأمس أجد أغلب الناس بل جميع الناس حولي تساوم وتهوى وتركن وتشعر بالأمان مع المساومة
الجميع يتحدث عن التأمل والحقيقة والروح لكن أتعلمون؟ يتحدثون عنها كما لو أنها رواية جميلة ضمن سلسلة روايات ... رواية نرويها ونتحدث فيها حتى تطيب معها الأوقات

شيئاً فشيئاً أخلد اليوم لعزلتي
يوماً بعد يوم يطربني صمت خلوتي
ومتى أوحشك في خلقه فاعلم أنه يريد أن يفتح لك باب الأنس به
وأيها الحق لم تترك لي صديق
والآن فقد أصبحت في بداية الطريق ... دخلت الطريق وتعبت وعانيت حتى تعرّفت أصلاً على الطريق
لست مستعداً لأساوم أحد حتى أقرب صديق
فالناس لا تعلم أن الوقت ضيق والعمر قصير ولو علموا لما أضاعوا لحظة واحدة دون تأمل ووصل ومناجاة ومحاولة للتعرف على نور أعلى رفيق أقرب إليهم من حبل الوريد وأجمل صديق

لم يحدث يوم في تاريخ الزمان أن ساوم أو جامل نبي أو مستنير أو حكيم أو أي إنسان لامس نسيم الحقيقة روحه فشرب من كأس الأبدية، فكيف أكون استثناء؟ إما أنا من الجهلاء الأغبياء أو من الحكماء
لم يحدث أن جامل نبي أو مستنير أو حكيم، بل على العكس كانوا مستعدين للموت على يد أي محتال لئيم
مستعدون للموت هم على أن يحيدوا عن صراطهم المستقيم وما أصعب المشي عليك أيها الصراط المستقيم في زمن مالت الشعوب فيه وملك الجاهل الفهيم وملك الغبي صاحب المال، صاحب النور الحكيم
تعالوا معي لنرى ما حدث لمنصور الحلاج الذي شرب من كأس الأبدية وثمل بخمرة الحقيقة الروحية السرمدية... لقد احبّه معلِّمه جنيد حباً كبيراً فكان خوفه وقلقه عليه كبيراً
كان يطلب منه عدم البوح بحقيقة ما اختبره والكتمان عليه كي لا يقتفي أحد أثره فيقتله وينتقم منه
منصور الحلاج وصل لمقام الفناء فعلم أن لا وجود إلا لله
وحينها بدأ يصرخ ويقول "أنا الحق، أنا الحق"... أنا الحق يعنيها أن لا وجود سوى للحق وأنه اختبر حقيقة فناءه وأنه لم يكن سوى تجسّد بديع تجسّد الحق من خلاله... لكن من الذي سيفهم؟ أين هو الفهيم العليم؟
أخبره معلّمه جنيد بأن لاداعي للبوح بما وهبك الوجود من أسرار وأبقِ ما تعرفه خلف الستار
فأخبره منصور بأني اختبرته ولم يعد معرفة بالنسبة لي، أما لك فهو مجرد معرفة
والإختبار يغيّر ويحوِّل الكيان، فيتحوّل لأسلوب حياة... وكيف لمن ذاق وعرف وانوصل واتصل أن يكتم ويخفي ولا يجهر بالرسالة ويبوح بأسرار ونعمة الحالة؟
لماذا يطلب منا الجميع إخفاء الحقيقة؟ والإلتهاء بما يرضي المجتمع وكل الموضوعات التافهة المريضة التي نتركها مجرد أن ننفصل عن أجسادنا؟
حدث هذا معي ذات يوم حين ذهبت لأتقدّم لوظيفة معينة كنت أرتأي أنها قد تساعدني على نشر الرسالة
أثناء المقابلة مع المسؤولة حدث وأن أخبرتها بتجاربي والعلوم التي فاض بها الكون عليّ، وفجأة وجدتْها تقول لي: جيد، والآن دعنا نعود للواقع ونتحدث حديث جدّي!!!!!!!!!!!!!!
يا لسعادتي في مجتمع نحيا فيه الوهم ونعتبره همّنا وشاغل أمرنا وننسى فيه الحق ونعتبره كلمات وروايات مقتصرة على الانبياء والاولياء والأساطير أما نحن فلا عمل لنا سوى أن نكون مجرد أدوات وآلات نعاشر ونُنجب ونأكل ونشرب ثم نموت ... أصبحنا تماماً كالحيوانات
غادرْت المكان فمن كلامها اتضح لي أنها ضحية من الضحايا ولن يسمع رسالتي أحد هناك فلا حياة لمن تنادي لأني لن أساوم وأكون وسط الأموات ... لا أريد سوى الأحياء
ومنصور الحلاج خرج إلى الشارع يهتف ويرقص بأنه الحق إلى أن ألقوا عليه القبض ووضعوه في السجن. أتى جنيد لزيارته وقال له ماذا فعلت؟ انت شاب وجميل وأمامك مستقبل باهر وطويل. كان بإمكانك ان تكون معلماً للجيل، فلماذا لم تساوم في كلمة أنا الحق وتخفيها ولا تتغنى بها؟ ألم يكن بمقدورك أن تساوم فيها؟
فأجابه الحلاج بأنني قد اختبرت وعرفت فكيف أساوم؟ إنها خيانة ... حقاً خيانة والموت أهون من هذه المهانة.
وقد تجمع الناس في يوم تنفيذ العقاب واجتمعوا لرجمه بالحجارة. ومن بين الناس كان معلّمه جنيد حاضراً حاملاً في يده وردة رماها عليه... أتى حاملاً وردة يرميها عليه وسط الناس التي ترميه بالحجارة حتى لا يلاحظ أحد بأنه لم يشاركهم الرجمة... على أية حال لن يلاحظ أحد أنه رماه بوردة والجميع ظن أنها حجرة... شارك جنيد بالرجمة في شكل رحمة لكن النوايا أقوى وها هو يساوم الحشود لذا تحوّلت رحمته إلى رجمة.
ومنصور كان يبتسم والناس ترميه بالحجارة ... ينزف دماً وهو يبتسم ببراءة
إلى أن رماه جنيد بالوردة سالت دموعه بغزارة
فسأل أحدهم، كيف ترميك الناس بالحجارة والإبتسامة لم تفارق وجهك والآن حين رماك احدهم بوردة بدأت بالبكاء وسالت دموعك من عينيك بغزارة؟
فأجابه الحلاج: نعم بكيت... لأن الناس التي بالحجارة ترميني لا تعرفني... هذا الرجل هو معلّمي، وحده يعرفني... وها هو يساوم كالجبان ويرميني وكأنه لا يعرفني... وردته التي رماني بها جرحتني وآذتني بمرارة ... وردته أقسى من الحجارة
وهكذا هي المساومة...
إنها تعني أن أرضك تهتزّ من تحتك
لكن بدلاً من المساومة فلتبحث عن جذورك وأصولك فتشتدّ الأرض من تحتك وتثق في فرديّتك وتنال بين يديك حريّتك
بدلاً من المساومة فلتبحث عن إحساسك الصادق فوحده رفيق الدرب ووحده صوت القلب
وبعدها...
مهما كانت العواقب بعدها، لن تهتمّ ولن تتأثر بها
إنسان الحقيقة ... إنسان ذاق من كأس الأبدية لن يهتم لأنه يعلم أن لا شيء بإمكانه أذيته
فما سوف يموت فيه سيموت ... إن ليس الآن فغداً
وما لن يموت فيه لن يموت لا اليوم ولا غداً
جسده سيموت وقد ذاق من كأس الأبدية فعلم أنه ليس بجسد فقدّمه قربان علامة للحرية الروحية

هذا ما فعله الإمام عليّ حين التقى قاتله قبل أن يقتله في أحد الأيام فقال له: أهلاً بقاتلي
علم أنه ينوي قتله ولم يردّه فهذا دوره أن يقتله فما هذه الرحمة وما هذه الأسرار؟

إنسان مثل سقراط لم يعرف يوماً مجاملة ولا مساومة
منحه القضاة فرصة الهرب من أثينا والنجاة ... لكنه لم يرضى وآثر الموت على الحياة

إنسان الحقيقة لا يساوم كما نفعل يومياً لأجل الدولار والدرهم والدينار والبترول
لأجل الوظائف والمناصب والقصور وجميعنا نسينا القبور
إنسان المساومة يُضعِف طاقته الروحية ... لا بل يطعنها في ظهرها ... يخونها ويقتلها
يتحوّل شيئاً فشيئاً من روح لآلة لا روح فيها وهكذا تغادره الحياة وهو لازال على قيد الحياة

لذا قال الرسول مات أهل الدنيا وهم أحياء
وقال المسيح دعوا الأموات تدفن بعضها
فأن تكون حيّاً يعني أن تحيا مع الحي القيوم ولا تكون إلا نفسك ولا تساوم في حقك الذي هو نفسه حق الوجود

كثُر هم من اختاروا درب التأمل معي فيما مضى... واليوم يقولون لي لم يعد بإمكاننا المتابعة ... الزمن أقوى وهكذا تريدنا الحياة... أقوياء أشداء نعرف كيف ننتهز الفرص لنكون سعداء
لكنهم جميعهم تعساء
في الدنيا أعمى وفي الآخرة أعمى وأضل سبيل
المساومة بئس السبيل ... والموت أهنأ وأنعم من حياة يحياها الإنسان مساوماً ذليل فينسى أصله ومصدره ورازقه صاحب النور الجميل
منقول بيت الصياد
بشار عبدالله
 تنبيه مهم : عليك ان تقرأ الشروط عند تقديم اي طلب جديد والا سيتم حذف موضوعك •• اقرأ الشروط ••
تبارك النور القدوس الذي انبثقت به الحياة
صورة العضو الرمزية
بيلسان
عضو
عضو
مشاركات: 23
اشترك في: الأربعاء 27-7-2011 10:39 pm
الجنس: اختار واحد

ما حاجتي للمساومة؟

مشاركة بواسطة بيلسان »



اخي الفاضل فرج . دوماً مواضيعك جميلة وتشدنا لجمال القيم التي تحتويه
ليس للمجامله , فهي تقدم الحياة التي اصبحت فارغة لها معنى وقيم وان وقتها من ذهب
وليس وقت مهدورا كما يفعل البعض... احببت مقطع الحلاج فاانه لم يساوم على الحق
تذكرت البسطامي حينما قال ليس في الجبة الا الله ( كنت اعتقد انه يقول بالاتحاد والحيلوله ), حينها اعتقدنا انه منحرف عن الحقيقه جلست
اتفكر في الحديث القدسي الشريف" ما وسعني سمائي ولا أرضي ولكن وسعني قلب عبدي المؤمن " فعلمت بخطئي في منهج تفكيري به ..

وهكذا يُظلم اولياء الله على يد شرار خلقه .


بوركت يمناكم لما تنتقي من روائع
تبارك النور القدوس الذي انبثقت به الحياة
صورة العضو الرمزية
نذير عريان
عضو متميز
عضو متميز
مشاركات: 69
اشترك في: الأحد 16-7-2006 8:05 pm
البرج: الميزان
الجنس: ذكر

ما حاجتي للمساومة؟

مشاركة بواسطة نذير عريان »

تحية وسلام
فعلا اخى فرج --قليل هم الذين لا يساومون
هم الذين اختبروا فذاقوا فعرفوا فانتشوا فانسوا فسكروا فرقصوا:
معبودكم تحت اقدامى------- ليس فى هذه الجبة الا الله ------ ليس بينى وبينك بين
ولو ساوم سيد الشهداء ماكان للشهداء سيدا ولا سالت دماء الشهداء فى سبيل الحق ورفع الظلم والحياة بكرامة
وما كان زئيره نبراسا للاحرار الثوار الشرفاء : هيهات منا الذلة
تحية اكبار واجلال للروح الثائرة المتمردة الصلبة التى لم تساوم الطغيان
وفضل ان يصنع مأساته - فى نظر البعض - بنفسه
وتحية واعجاب متصل بالصديق الحبيب ابن النور faraj matari على كل ما قدم ويقدم
من روائع تبهر الوجدان والعقل وتهزه ايضا ليستيقظ فالامم الجادة لا تنام قرون
والشكر والتقدير --وليسمح لى اخى فرج على صفحته - لاختنا بيلسان المتعطشة مثلنا للحقبقة
والمنجذبة للنور
الصلاة والسلام عليك يا ابا عبد الله الحسين يابن بنت رسول الله - ص - وابن الامام ابو الائمة
اما تساولك (ما حاجتى للمساومة؟ ) اجيبك:
لا حاجة بك للمساومة ---- فابناء النور يموتون ولا يساومون
أضف رد جديد

العودة إلى ”مواضيع عامة ومتنوعة“