لقد دعت الفلسفة الى " معرفة الوجود من حيث هو موجود "
ودعت الشريعة الى معرفة الله " وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون " أي ليعرفوني
ولقد اثمرت الدعوتان ثمرة لا يعرفها الا القلة من الناس وهي محبة المعروف , لان جل الناس تصوروا , واما القلة ادركوا
ان الانبياء والفلاسفة والاولياء عرفوا الله فاحبوه , ولما تمكنوا في المحبة تجردوا من كل ما يشغلهم عنه , الا ترى المحب دائما منفردا بعيدا عن الناس لئلا يشغله شيء عن ذكر محبوبه ؟
لقد انفرد سقراط اواخر حياته للتعبد , وكان يغيب ساعات عن الوجود الناسوتي في الوجود اللاهوتي
وقد فرق الفلاسفة بين اللذات الجسدية المتولدة من الشهوات البهيمية الفانية , وبين السعادة الروحية المتولدة من الفضائل الروحية الباقية . فلهذا صرفوا الهمم للخلاص من عالم العدم , عالم الجسد الفاني , للوصول الى عالم البقاء والحب والنور
ومما قاله الاولون في المحبة :
يقول الحكيم الهندي برخمنن : أي امرء هذب نفسه واسرع الخروج عن هذا العالم الدنس , وطهر بدنه من اوساخه , ظهر له كل شيء , وعاين كل شيء غائب , وقدر على كل متعذر , وكان محبورا مسرورا , ملتذا عاشقا , لا يمل ولا يكل , ولا يمسه نصب ولا لغوب . وكان يقول : ان ترك لذات هذا العالم هو الذي يلحقكم بذلك العالم حتى تتصلوا به وتنخرطوا في سلكه , وتخلدوا في لذاته ونعيمه .
قال القشيري : محبة العبد لله هي حالة يجدها من قلبه تلطف عن العبارة , وقد تحمله تلك الحالة على التعظيم له وايثار رضاه وقلة الصبر عنه والاهتياج اليه وعدم القرار من دونه ووجود الاستئناس بدوام ذكره له بقلبه , والمحب بوصف الاستهلاك في المحبوب .
وقيل : المحبة ايثار المحبوب على جميع المصحوب . وقال ابو عبدالله القرشي : حقيقة المحبة ان تهب كلك لمن احببت فلا يبقى لك منك شيء . وقال المحاسبي : المحبة ميلك الى الشيء بكليتك ثم ايثارك له على نفسك وروحك ومالك . وقال سري السقطي : لا تصلح المحبة بين اثنين حتى يقول الواحد للاخر يا انا . وقال ذو النون المصري : من علامة المحب لله ترك كل ما يشغله عن الله حتى يكون الشغل بالله وحده .
قيل لعابد : ما علامة من سقاه الله بكاس محبته ؟ قال : عليل الفؤاد بذكر المعاد , بطيء الفتور في جميع الامور , كثير الصيام شديد السقام , عفيفا كفيفا , قلبه في العرش جوال والله مراده في كل الاحوال .
وقالت عابدة , في وصفها للمحب : ان المحب لله لو رايته لرايت عجبا عجيبا من واله ما يقر على الارض , طائر متوحش انسه في الوحدة , قد منع الراحة ولها بذكر المحبوب , ليس له هدوء ولا يميل الى سلو , ان عزي لم يتعز , وان صبر لم يتصبر , لا يمل من طول الخدمة اذا مل الخدام حتى يصير في محبته وطول خدمته في درج الشوق فيقر قراره وتخمد ناره ويطفى شرره ويقل همه وتواصل احزانه .
قال احد الزهاد لاخيه : يا اخي ما ورث اهل المحبة من محبوبهم ؟
قال : ورثوا النظر بنور الله , والتعطف على اهل معاصي الله . فقلت : كيف يعطف على قوم قد خالفوا محبوبهم ؟
فنظر الي ثم قال : مقت اعمالهم وعطف عليهم ليردهم بالمواعظ عن فعالهم واشفق على ابدانهم من النار , فانه لا يكون المؤمن مؤمنا حقا حتى يرضى للناس ما يرضى لنفسه .
قال ابراهيم بن ادهم : من علامة المحب لله متابعة حبيبه في اخلاقه وافعاله واوامره . وقال ابن عطا السكندري : ولا مقام اشرف من متابعة الحبيب في اوامره وافعاله واخلاقه والتادب بادابه قولا وفعلا ونية وعقدا .
الحب
الحب
" رأس الحكمة معرفة الله "
الحب
الله لا يحرمنا من الإيمان و جعل محبة الله و رضاه في قلوبنا عامرة ، محبة الله غاية وبها تنال جميع الغايات ، احسنت اخي زيدون
تبارك النور القدوس الذي انبثقت به الحياة، اللهم بشرني و أفرحني و ارزقني ما اتمناه آمين يا الله
-
- المواضيع المُتشابهه
- ردود
- مشاهدات
- آخر مشاركة