نظرية الحسيين

كل ما يخص علم الحكمة والفلسفة ومدارسها
أضف رد جديد
صورة العضو الرمزية
سمير العاشقي
عضو متميز فعال
عضو متميز فعال
مشاركات: 787
اشترك في: الأحد 16-7-2006 8:05 pm
الجنس: اختار واحد

نظرية الحسيين

مشاركة بواسطة سمير العاشقي »

نظرية الحسيين:

والحسيون يقفون في مقابل العقليين وصحيح أنهم يخالفون أولئك في الأمور الفطرية، وهذا الخلاف هو الذي يميزهم منهم وهو الذي أوقع الجدال بينهم ودعا إلى تأليف الكتب من الطرفين ليثبت كل منهم نظريته ويدحض النظرية المخالفة، ولكنهم يوافقون العقليين في نفي قيمة المحسوسات تلك العقيدة التي أعلنها ديكارت.

ويعتبر جون لوك (1622-1704 م) الإنجليزي زعيم الحسيين وهو أكبر علماء أوربا وله نظريات مهمة في علم النفس، وهو يتحدث عن المحسوسات فيقول:

"ليس من المعقول إنكار الموجودات المحسوسة، ومن الواضح أن اليقين فيها ليس كاليقين بالنسبة إلى المعلومات الوجدانية (وهي الأشياء التي يصدق الذهن بها بغير وساطة النسبة بين الموضوع والمحمول كعلم النفس بوجود ذاتها وأن الثلاثة تساوي اثنين بإضافة واحد وأن المثلث غير المربع) ولا كاليقين الحاصل في الأمور العقلية (وهي الأشياء التي يحتاج الذهن- لكي يدرك النسبة بين الموضوع والمحمول- إلى تصور معان أخرى، وهي من قبيل أن مجموع زوايا المثلث يساوي مجموع زاويتين قائمتين أو أن للعالم مبدعاً). ويمكن


عدها من وجهة النظر العلمية والفلسفية في زمرة الظنون، ولكننا في أمور حياتنا الدنيوية لابد من اليقين بحقيقة المحسوسات.

ويرى لوك رأي ديكارت في باب تقسيم خواص الجسم، وهو يقول:

"الخواص على قسمين: فبعضها ذاتي للجسم ولا ينفك منه ونسميها بالخواص الأولية كالجرم والبعد والشكل والحركة أو السكون، وبعضها خواص في الذهن بوساطة الخواص الأولية كاللون والرائحة ونسميها بالخواص الثانوية".

وهنا يرد إشكال يتلخص في أننا إذا اعتبرنا كل معلوماتنا عن العالم الخارجي (حسب وجهة نظر جون لوك) متوقفة على الحس، والمفروض أن الحس ليس له قيمة يقينية، إذن من أي طريق نحن نستطيع أن نصدر حكمنا بأن بعض خواص الأجسام ذاتية لها وبعضها عرضية؟ وبعبارة أخرى بعضها حقيقية ولها واقع في الخارج وبعضها الآخر ذهني محض بينما قد أدركناها جميعاً بوساطة الحس؟ ولأي سبب لا تكون الخواص الأولية ذهنية خالصة مثل الخواص الثانوية؟

وحاول بعض العلماء- من قبيل جورج بركلي وهو ممن وافق جون لوك في عقيدته في باب "أصالة الحس"- بهذا الإشكال أن يحمل لوك على اعتبار جميع المحسوسات من الأمور الذهنية. وعلاوة على هذا نقول: أنه بناءً على أصالة الحس التي يعلنها لوك فمن أي طريق نحن نستطيع أن نضفي القيمة اليقينية على سلسلة من المعلومات التي يسميها بالوجدانيات أو البديهيات، وكذلك المعلومات


الأخرى التي يطلق عليها الأمور العقلية والاستدلالية؟ (مما مرت الإشارة إليها عند نقل كلامه)

أيمكن بناء على أصالة الحس- مع الاعتقاد بأن الحس يخطئ في عمله- أن نضفي القيمة اليقينية على غير المعلومات الحضورية (وهي علم النفس بذاتها وفكرها وأفعالها وقواها)؟

وعلى أية حال فإن عقيدة الحسيين في باب المحسوسات تشبه عقيدة العقليين، وهم جميعاً ينكرون أن تكون لها قيمة علمية ونظرية. ولا يوجد بين الفلاسفة المحدثين- ولا سيما منذ القرن التاسع عشر فما بعد- فيلسوف واحد يتبنى نظرية القدماء فيما يعود إلى المحسوسات.

وشاعت في أوربا- في القرن التاسع عشر "النظرية الذرية" (Atomism) التي وضعت أسسها في القرن الخامس قبل الميلاد على يد ديمقراطيس في اليونان، وأصبح واضحاً أن الجسم- على خلاف ما كان يعتقد القدماء- ليس واحداً متصلاً كما يبدو لأول وهلة وإنما هو مركب من ذرات متناهية في الصغر وهي التي تكون الجسم الواقعي. وتختلف الأجسام وتتنوع باختلاف شكل ومقدار ووضع ذراتها، وتلك الذرات دائماً هي في حالة حركة. ولا يوجد منشأ للسمع والبصر وسائر الإحساسات سوى تلك الذرات. أما ما ندركه من لون أو طعم أو رائحة أو صوت عن طريق الحواس فليس لها واقع خارجي وإنما هي مجموعة من الحالات الذهنية التي تمثل التأثيرات المختلفة للذرات.

وحسب قول بعض العلماء:

"فإن الطبيعة لا لون لها ولا رائحة ولا صوت وإنما نحن الذين


صنعنا لها أشعة الشمس الذهبية ونكهة الورد العطرة وغناء البلبل الشادي".

وديمقراطس نفسه يصرح بأن الصور التي تنقلها حواسنا عن الأشياء لا يصح أن تؤخذ دليلاً على واقعية الأشياء الخارجية وإنما هي تمثل التأثيرات المختلفة للذرات التي تخرج من الأجسام وتدخل إلى حواسنا.

وينقل عن ديمقراطيس قوله:

"إن الشيء ذا الطعم الحلو قد أصبح حلواً بالاعتبار والاتفاق وكذلك المر والحار والبذارد واللون فإنها جميعاً قد أصبحت بهذا الشكل لاعتبار الناس لها واتفاقهم عليها، وأما إذا أردنا الحقيقة فإن هذه ليست إلا ذرات وفراغات ".

ومن جملة العلماء الحسيين الذين ينكرون نظرية ديكارت وأتباعه فيما يتعلق بالمعقولات المحضة ويقولون بأصالة الحس ويعتبرون المعلومات كلها معتمدة على الحس تبعاً لجون لوك- من جملة هؤلاء جورج بركلي (George Barkeley) "1685-1753م" ودافيد هيوم (David Hume) "1711-1776م".

وقد اندفع هذان العالمان في نفي قيمة المحسوسات التي يظنان أنها أساس العلم أكثر من ديكارت وجون لوك، فمثلاً كان ديكارت يقول أن البعد والشكل والحركة في الجسم (وهي الخواص الأولية) حقيقية لأنها كما يعتقد متعلقة وليست محسوسة، والشيء الذي هو غير حقيقي إنما هو الخواص الثانوية من قبيل الصوت والطعم واللون والرائحة التي هي محسوسة، ولكن هذين الشخصين قد أفرطا فزعما أن الخواص الأولية مثل الخواص الثانوية ليست حقيقية، ومع أنهما


يعتبران الحس أساس العلم ولكنهما لا يضفيان على الإدراكات الحسية أية قيمة، بل هما ينكران حتى الوجود الخارجي للمحسوسات
8O 8O 8O
 تنبيه مهم : عليك ان تقرأ الشروط عند تقديم اي طلب جديد والا سيتم حذف موضوعك •• اقرأ الشروط ••
صورة العضو الرمزية
خفايا الروح
عضو متميز فعال
عضو متميز فعال
مشاركات: 1304
اشترك في: الأحد 16-7-2006 8:05 pm
البرج: الميزان
الجنس: اختار واحد

مشاركة بواسطة خفايا الروح »

احسنت وبارك الله فيك اخي العزيز للنقل القيم
في ميزان حسناتك ان شاء الله :wink:
صورة العضو الرمزية
سمير العاشقي
عضو متميز فعال
عضو متميز فعال
مشاركات: 787
اشترك في: الأحد 16-7-2006 8:05 pm
الجنس: اختار واحد

مشاركة بواسطة سمير العاشقي »

شرفني تواجدكما الكريم معنا وتعليقاتك الهادفة بارك الله تعالى بكما
صورة العضو الرمزية
بشرى سارة
عضو متميز فعال
عضو متميز فعال
مشاركات: 795
اشترك في: الأحد 16-7-2006 8:05 pm
الجنس: اختار واحد

مشاركة بواسطة بشرى سارة »

كما ذكرت ان ديمقراطيس يقول ( ان الشىء ذا الطعم الحلو قد اصبح حلوا بالاعتبار والاتفاق )
فانت ايضا يا سمير العاشقى اصبحت القمة بعينها واصبح اى موضوع مرتبط باسمك هو موضوع متميز حتى لو لم نقرأه
:arrow: :arrow: :arrow:
لك منى اجمل واحلى وارق تحية يا ســـــــــــمــــــــيــــر
صورة
صورة العضو الرمزية
سمير العاشقي
عضو متميز فعال
عضو متميز فعال
مشاركات: 787
اشترك في: الأحد 16-7-2006 8:05 pm
الجنس: اختار واحد

مشاركة بواسطة سمير العاشقي »

العزيزة الاميرة الملكة بشرى سارة
طيب الله خاطرك وارضاك على جميل العبارات والتعليقات التي تبعث بنفسي الامل والاندفاع انت خير عون ومساند لكي مني كللللللللللللل الششششششششكر
أضف رد جديد

العودة إلى ”الحكمة والفلسفة“