مقوضات المودّة

كل ما ليس له قسم خاص

المشرف: المشرفون

أضف رد جديد
صورة العضو الرمزية
mahdi834
عضو
عضو
مشاركات: 47
اشترك في: الأحد 16-7-2006 8:05 pm
الجنس: اختار واحد

مقوضات المودّة

مشاركة بواسطة mahdi834 »

مقوّضات المودّة





بسم الله الرحمن الرحيم
حرصت الشريعة الإسلامية بتوجيهاتها الصائبة وتعليماتها السديدة على غرس الحبّ والمودّة في النفوس ليعيش بنو البشر حياة كلها رغد وسرور، وتحفّ بها الأفراح ويغمرها الإخاء والوفاء، وحذّرت وأنذرت الناس من كُلّ ما يبعث في النفوس من الضغائن والبغضاء، لما في ذلك من ضرر وخطر على المجتمع والفرد, فنهت عن التخلق بكلّ الصفات المقوضة للمودّة التي تقطع هذه الصلة الروحية والرابطة المقدسة.

الصفات المقوّضة للمودّة وهي:-

1. التملّق: وهو الجرثومة الفتاكة التي تنخر في هيكل المودّة التي تقضه من أساسه وتقوّض دعائمه,لذلك أمرنا الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلّم)بالإخلاص في المودّة وحذّرنا من التملّق وأنذرنا بعواقبه الوخيمة,قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم): (إذا الناس أظهروا العلم,وضيعوا العمل,وتحابوا بالألسن,وتباغضوا بالقلوب وتقاطعوا بالأرحام لعنهم الله عزّ وجلّ وأصمّهم، وأعمى أبصارهم).

وقال الإمام العسكري (عليه السّلام) :(بئس العبد عبد يكون ذا وجهين، وذا لسانين، يطري أخاه شاهداً ويأكله غائباَ,إنْ أُعطي حسده، وإنْ ابتلى خذله).

2. الخيانة: وهي من أفظع الجرائم وأقبح الرذائل، تكشف عن خبث السريرة، وانحطاط الأخلاق,لذلك حذّروا أهل بيت العصمة الملأ الإسلامي من التلوث بهذه الصفة الرذيلة,قال أمير المؤمنين (عليه السّلام) : (المؤمن لا يعير أخاه ولا يخونه ولا يتهمه ولا يخذله ولا يتبرأ منه). ومصاديق الخيانة عديدة منها: إذا استشارك أخوك فأشرت عليه برأي تعلم أنّ فيه ضرراً عليه فقد خنت,كما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم):(من أشار على أخيه بأمر يعلم أنّ الرشد في غيره قد خانه)، ومنها: أن تحفظ على أخيك بعض زلاته لتفضحه بين الناس,وهذه الناحية إلى الكفر أقرب لما روي عن نبي الرحمة :(أدنى الكفر أن يسمع الرجل من أخيه كلمة فيحفظها عليه يريد أن يفضحه بها أولئك لا خلاق لهم),ومنها: أن يستعين بك أخوك في حاجة فلا تبالغ في قضائها بكلّ جهدك,قال الإمام الصادق (عليه السّلام) (أيما رجل من أصحابنا استعان به رجل من إخوانه في حاجة فلم يبالغ فيها بكلّ جهده فقد خان الله ورسوله والمؤمنين).

3. الجدل والمراء: وهما مكدر للصفاء بين الناس، ومقوضا لدعائم الأخوة، ولو كان المرائي والمجادل محقاً في جدله فإنّ من عاشر الناس ووقف على شؤونهم يلمس ما للمجادلة والمخاصمة من مضار وخيمة، ونتائج سيئة، توقع الضرر العظيم، وتورث في القلوب العداوة والبغضاء. قال الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلّم): (إياكم والمراء والخصومة فإنّهما يمرضان القلب على الإخوان، وينبت عليها النفاق). وقال الإمام الهادي (عليه السّلام) :(المراء يفسد الصداقة القديمة,ويحلّ العقدة الوثيقة,وأقلّ ما فيه أن تكون فيه المغالبة والمبالغة أس أساس القطعية).

4. التكلف: وهو الداء العضال لقطيعة الناس والتدابر,قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم): (شرّ الأصدقاء من تكلف له), وقال أمير المؤمنين (عليه السّلام) (شرّ الألفة ترك الكلفة),ويعرف المتكلف بالعلامات التي ذكرها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم)بقوله: (إنّ للمتكلف من الرجال ثلاث علامات: يتملق إذا شهد، ويغتاب إذا غاب,ويشمت بالمصيبة).

5. الشماتة: وهي أن يفرح بما يقع على أخيه من بلية ومصيبة، أو يبدي بأنّه مستحقّ لمثل هذا السوء فعله وعمله,والشماتة لا تكون إلاّ من العدوّ المستتر الذي من الصعب على الإنسان أن يحذّره ويتقي شرّه وهو أضدّ على الإنسان من العدو الظاهر,لأنّ الإنسان يستطيع أن يبتعد عن عدوّه ويفرّ منه لئلا يصيبه منه أذى ويقول الشاعر المتنبي في هذا:

ومن نكد الدنيا على الحر أن يرى


عدو له ما من صداقته بدُ

ولذلك حذّرنا أهل البيت (عليه السّلام) من التخلق بهذا الخلق الذميم,وأمرونا أن ننطوي على قلب سليم,قال الإمام الصادق (عليه السّلام) : (من شمت بمصيبة نزلت بأخيه لم يخرج من الدنيا حتى يفتتن).

6. الأنانية: وهي أن يهتمّ بنفسه دون غيره,ولا يفكر في مصلحة سواه,فنفسه هي المطمح الأسمى في حياته,ومصلحته هي الغاية القصوى في دنياه وهي صفة بغيضة يستنكرها كُلّ إنسان,ولكن قل ما يخلو منها إنسان,ولقد كافح الإسلام الأنانية مكافحة لا هوادة فيها حيث بنى مبادئه السامية وتعاليمه العالية على المصالح العامة والمنافع المتبادلة وركّز أسسه على القاعدة الكبرى التي صدع بها صاحب الرسالة (صلى الله عليه وآله وسلّم)بقوله: (لا يؤمن أحدكم حتى يحبّ لأخيه ما يحب لنفسه).

7. النسيان: وهو أكبر مقوّض لكيان المودّة مفرّق للإخاء,لذلك أمرنا أهل بيت العصمة (عليه السّلام) بأن يتعاهد الإنسان أخيه ولا ينساه، فالنسيان يسبب التباعد، ويقطع علائق المودّة والإخاء، كما قال أبو الأئمة وسيد الأمة علي بن أبي طالب (عليه السّلام): (وترك التعاهد للصديق داعية للقطعية). وسئل (عليه السّلام) عن المروءة فقال: (إطعام الطعام,وتعاهد الأخوان,وكفّ الأذى عن الجيران).

8. التفريق: هو العامل الرئيسي في أحداث الضغائن في القلوب,فلابدّ أن يساوي الإنسان في المظاهر الودّية بين الناس من حيث الإقبال عليهم، والترحيب بهم والتحدّث معهم، والإصغاء إلى كلامهم، وما شابه ذلك من مظاهر الودّ فيما لو كانوا مجتمعين أمّا لو لاقى الإنسان أخاه منفرداً فليعط كُلّ ذي حقّ حقه,والى هذا أشار الإمام الصادق (عليه السّلام) (إذا كان ثلاثة في بيت فلا يتناجى اثنان دون صاحبهما، فإنّ ذلك مما يغمه).

نعم يجوز للإنسان أن يفرّق بين الناس من حيث الحبّ القلبي فإنّ هذا متفاوت لا محالة بحسب صفات المحبوب ومميزاته وخصائصه,كذلك يمكن أن يفرّق بين الناس من حيث التقدير والإكبار الشخصي,فيعطي كلاً منهم ما يستحقّ من الإكرام والاحترام فإنّ الناس يختلفون من حيث المواهب والخصائص، والملكات درجات وطبقات فهنالك طبقة العلماء، والحكماء، والأتقياء وهي الطبقة العليا,وهنالك طبقة الجهال والفساق والأشرار، وهي الطبقة السفلى وبين هاتين الطبقتين منازل متعددة ومراتب كثيرة,وقد نصّ القرآن الكريم على هذا التفاوت والاختلاف بقوله :( يَرْفَعْ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ) وقال سبحانه وتعالى :( انظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا) وقل عزّ شأنه :( أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ) وقال جلت قدرته :( أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ).

نعم الناس من حيث المبدأ والنهاية سواسية كأسنان المشط كلهم لآدم وآدم من تراب.

9. الإيذاء: وهو أن يمسّ الإنسان أخاه بسوء وأذى فإنّ كثيراً من الناس من يستسيغون إيذاء إخوانهم بأيديهم، أو بألسنتهم، وهو يحسبون أنّهم يحسنون صنعاً,فترى بعضهم يوجه أقسى الكلمات وأقبحها أو أشدّ الضربات المؤلمة لصاحبه,فإذا استنكر صاحبه منه ذلك اعتذر بأنّه يمزح ويمرح وقد نهانا الرسول الأعظم وأهل بيته عن الإيذاء والاعتداء وعدّوا ذلك خرقاً لحقوق المودّة وانتهاكاً لحرمتها فإنّ المودّة يشترط فيها خلوها من الإيذاء,قال رسول الله :(لا يحل للمسلم أن يشير إلى أخيه بنظرة تؤذيه). نعم أمر أهل بيت العصمة (عليه السّلام) بأن تبنى حياة الناس على الإنصاف، والإحسان، والرحمة، وألاّ يسيء أحد إلى أحد، قال الإمام الصادق (عليه السّلام) : (ثلاث يجلبن المودّة:الإنصاف في المعاشرة والمواساة في الشدة والانطواء على قلب سليم).

10. الهجران: هو قطع حبل المودّة ونقض عقد الأخوة وفصم عرى الصداقة وهجران الإنسان لأخيه عمل يستنكره العقل السليم ويأباه الضمير الحيّ قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم)في وصيته لأبي ذر رضوان الله عليه: (يا أبا ذر إياك وهجران أخيك، فإنّ العمل لا يتقبل مع الهجران، يا أبا ذر أنهاك عن الهجران، وإن كنت لابدّ فاعلاً فلا تهجره فوق ثلاثة أيام، فمن مات فيها مهاجراً لأخيه كانت النار أولى به) وقد أمرنا أهل بيت العصمة (عليه السّلام) بصلة الأخوان ولو بطيب الكلام فقال الإمام الصادق الصديق (عليه السّلام) : (صلوا أخوانكم وبرّوهم ولو بحسن الكلام، ورد الجواب) وأنّ الوصل بعد الهجران والرجوع بعد الإدبار يحتاج إلى أمر يسير وهو شيء من حلاوة اللسان، وطلاقة الوجه، والإغضاء عن الإساءة، والصفح عن الذنب، كما قال الإمام الصادق (عليه السّلام) :(إنّ سرعة ائتلاف قلوب الأبرار إذا التقوا، وإن لم يظهروا التودد بألسنتهم، كسرعة اختلاط ماء السماء بماء الأنهار، وإنْ بعد ائتلاف قلوب الفجار إذا التقوا وإنْ أظهروا التودد في ألسنتهم، كبعد البهائم من التعاطف وإنْ طال اعتلافها على مذوَد واحد) والمذوَد معلق الدابة وكلما كان الهجر أطول كان أعظم جرماً وأكبر إثماً,كما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم): (هجر الرجل أخاه سنة كسفك دمه).

وفي الختام نسأل الله تعالى بجاه من لذنا بجواره مولانا أمير المؤمنين (عليه السّلام) أن يجنبنا مقوّضات المودّة ويحبب إلينا علائق الأخوة إنّه سميع مجيب وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. 8O
 تنبيه مهم : عليك ان تقرأ الشروط عند تقديم اي طلب جديد والا سيتم حذف موضوعك •• اقرأ الشروط ••
صورة العضو الرمزية
همسة حائرة
عضو متميز فعال
عضو متميز فعال
مشاركات: 751
اشترك في: الأحد 16-7-2006 8:05 pm
البرج: السرطان
الجنس: انثى
Egypt

مشاركة بواسطة همسة حائرة »

أخى مهدى موضوعك رائع وقد جاء فى وقت مناسب ونحن على أبواب الشهر الكريم حيث تصفو النفوس وتسمو بفضل روحانيات هذا الشهر الفضيل ولنجعلها دعوة عامة للجميع ولنبدأبأنفسنا أولا ولك جزيل شكرى
صورة
أضف رد جديد

العودة إلى ”مواضيع عامة ومتنوعة“